امتحان جهوي 2022 السنة الأولى باكالوريا مادة التاريخ والجغرافيا PDF


 المغرب خلال القرن التاسع عشر شهد تحولات جذرية غيّرت مساره التاريخي بشكل جذري. الضغوط الاستعمارية الأوروبية على المملكة المغربية كانت نقطة تحول حاسمة في تاريخ البلاد، حيث واجهت الدولة المغربية تحديات داخلية وخارجية معقدة أجبرتها على اتخاذ إصلاحات جوهرية للحفاظ على استقلالها.

السياق التاريخي للضغوط الاستعمارية

خلال القرن التاسع عشر، كانت القوى الأوروبية تتسابق لتوسيع نفوذها في شمال أفريقيا والمنطقة العربية. المغرب، بموقعه الاستراتيجي المتميز على ضفاف البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي، أصبح هدفاً رئيسياً للقوى الاستعمارية، خاصة فرنسا وإسبانيا وبريطانيا.

الدولة المغربية تحت حكم السلاطين العلويين واجهت ضغوطاً متزايدة من هذه القوى، التي استخدمت وسائل متنوعة للتدخل في الشؤون المغربية. هذه الضغوط لم تكن عسكرية فحسب، بل شملت الجوانب الاقتصادية والدبلوماسية والثقافية.

أشكال الضغوط الاستعمارية

الضغوط العسكرية

الحروب المباشرة كانت أوضح أشكال الضغط الاستعماري على المغرب. حرب تطوان عام 1859-1860 مع إسبانيا، وحرب إيسلي عام 1844 مع فرنسا، أظهرت الفجوة التقنية والعسكرية بين المغرب والقوى الأوروبية. هذه الهزائم العسكرية أجبرت المغرب على دفع تعويضات مالية ضخمة وتقديم تنازلات إقليمية.

الضغوط الاقتصادية

التجارة غير المتكافئة والمعاهدات التجارية المجحفة شكّلت أداة فعالة للسيطرة على الاقتصاد المغربي. القوى الأوروبية فرضت معاهدات تجارية تمنحها امتيازات جمركية وتجارية، مما أدى إلى تدهور الصناعات المحلية المغربية وزيادة التبعية الاقتصادية.

الديون المتراكمة على الخزينة المغربية نتيجة الحروب والتعويضات خلقت أزمة مالية حادة، استغلتها القوى الأوروبية لفرض مزيد من الضغوط والتدخل في إدارة المالية العامة للدولة.

استجابة المخزن المغربي: الإصلاحات والتحديث

إصلاحات السلطان مولاي عبد العزيز

واجه السلطان مولاي عبد العزيز (1894-1908) تحديات جسيمة في محاولة تحديث الدولة المغربية. إصلاحاته شملت محاولات عسكرية لتطوير الجيش المغربي بمساعدة خبراء أوروبيين، وإدخال تقنيات حديثة في الإدارة والمالية.

لكن هذه الإصلاحات واجهت مقاومة داخلية من القوى التقليدية، ومن جهة أخرى لم تحقق الاستقلالية المطلوبة عن النفوذ الأوروبي. بل على العكس، أدت إلى مزيد من التغلغل الأوروبي في المؤسسات المغربية.


الأزمة المغربية ومؤتمر الجزيرة الخضراء

تصاعد التنافس الأوروبي حول المغرب أدى إلى أزمة دولية عُرفت بالأزمة المغربية الأولى (1905-1906). هذه الأزمة انتهت بعقد مؤتمر الجزيرة الخضراء عام 1906، الذي كرّس التدخل الأوروبي الجماعي في الشؤون المغربية تحت ذريعة الإصلاح والتحديث.

المؤتمر منح فرنسا وإسبانيا أدواراً خاصة في "إصلاح" المغرب، مما مهّد الطريق لفرض الحماية لاحقاً عام 1912. هذا المؤتمر يُعتبر نقطة تحول حاسمة في فقدان المغرب لسيادته الفعلية.

التحولات الاجتماعية والاقتصادية

الضغوط الاستعمارية لم تؤثر فقط على النخبة الحاكمة، بل أحدثت تحولات عميقة في البنية الاجتماعية المغربية. ظهور شرائح اجتماعية جديدة مرتبطة بالتجارة مع أوروبا، وتراجع دور الحرفيين التقليديين، وتغير أنماط الاستهلاك والحياة اليومية.

المدن الساحلية مثل طنجة والدار البيضاء شهدت نمواً سريعاً بفعل التجارة مع أوروبا، بينما المناطق الداخلية عانت من التهميش الاقتصادي. هذا التفاوت الجهوي خلق توترات اجتماعية جديدة وساهم في إضعاف التماسك الوطني.

المقاومة المغربية

رغم الضغوط المتزايدة، المجتمع المغربي لم يستسلم بسهولة. المقاومة المسلحة في مناطق مختلفة من البلاد، وخاصة في المناطق القبلية، استمرت لعقود. شخصيات مثل أحمد الهيبة في الجنوب ومقاومة الريف في الشمال أظهرت إصرار المغاربة على الدفاع عن استقلالهم.

المقاومة الثقافية والدينية لعبت دوراً مهماً أيضاً، حيث استخدمت الزوايا والعلماء نفوذهم لتعبئة الشعب ضد التدخل الأجنبي والحفاظ على الهوية المغربية.

دروس للطلاب المعاصرين

دراسة هذه الفترة التاريخية تقدم دروساً مهمة حول أهمية الوحدة الوطنية والتحديث المدروس. المغرب اليوم، كدولة مستقلة وحديثة، استفاد من تجارب تلك الفترة في بناء دولة قوية قادرة على مواجهة التحديات الخارجية مع الحفاظ على الهوية الثقافية.

نصائح للامتحان الجهوي

عند الاستعداد لأسئلة هذا الموضوع في الامتحان الجهوي، ركزوا على:

فهم الترابط بين الأسباب والنتائج في الأحداث التاريخية. الضغوط الاستعمارية لم تكن معزولة عن السياق الدولي والتطورات الداخلية.

تحليل الوثائق التاريخية بعناية، واستخراج المعلومات المهمة وربطها بالسياق التاريخي العام.

معرفة التواريخ المهمة مثل حرب تطوان (1859-1860)، مؤتمر الجزيرة الخضراء (1906)، وفرض الحماية (1912).


📚 للاطلاع على الامتحان الجهوي الكامل وأسئلة إضافية حول الضغوط الاستعمارية وإصلاحات المخزن، راجعوا الوثيقة المرفقة أعلاه.

هذا المحتوى مستوحى من الامتحان الجهوي الموحد لنيل شهادة البكالوريا - الدورة العادية 2022

تعليقات